مقامات الحب والسلام
مقامات الحب والسلام
بقلم / حسام الدين مسعد
كم تاقت النفس إلي أن تري عرضاً مسرحياً عربياً خالصاً، لا عرضاً مسرحياً ناطق باللغة العربية، كم اشتقنا كثيراً أن نشاهد الخيل والليل والبيداء علي خشبة المسرح في إتساق جمالي وصوري ودلالي يعبر عن هنا، والآن ويستدعي التراث العربي ويضعه في مناخ الأسئلة، لقد برع المخرج العراقي "ضياء الدين سامي" في ان يجسد لنا التاريخ العربي من خلال تيمة الحب والسلام التي صاغها السيناريست العراقي والفنان الكبير "ماجد درندش" بحرفية، وبلاغية صورية وجمالية استطاعت خلق "مُقامة " تماثل المُقامة الأدبية التي هي نوع من الأدب القصصي يُعرض بطريقة بليغة ومسجوعة تنقلها شخصيةٌ خيالية؛ قد تكون ماكرة تسعى بين الناس لتحتال عليها ، لتنتهي بعد ذلك بعبرة، لكن "ماجد درندش " قد خلق مُقامة صورية لغتها بديلة عن اللغة الحوارية أو الكلامية، فكان الجسد العربي سيد المشهد، والصراع،مفجر الأطماع والفتن، والباحث عن السكينة والسلام.
فكل مشهد صوري هو لوحة جمالية شعرية بليغة تجسد حقبة تاريخية، وتعيد هذا الأرث التاريخي لمناخ الأسئلة، كي يطرح المتلقي علي نفسه السؤال عن غياب القيم في مجتمعاتنا الإستهلاكية التي تتجذر فيها عقلية التملك والربح والمنافسة وقيم التبادل التجاري.
لقد شعرت بالمتعة وانا اشاهد هذا العرض الصوري الجمالي الذي حقق أفق توقعي الخاص فظهرت الخيل والكلاب علي خشبة المسرح ضمن سياق درامي وجمالي كانت نهايته الكينونة والكرم العربي بالقهوة العربية التي أنهت الصراع الدائر بين الأنا والآخر لتعم السكينة في مقامات الحب والسلام في افتتاح الدورة الرابعة عشر من مهرجان المسرح العربي